استعن بالله على مُهمات الأمور
"واستعن بالله ولا تعجِز" ... استعن بالله في طلب ما ينفعك، لا تستعن بالمخلوقين أحياء وأمواتا استعانة الذليل، ولكن ضع يدك في يد الله، كما علَّم النبي صلى الله عليه وسلم، ابن عباس، وقال له: "يا غلام، ألا أعلمك كلمات؟". ثم قال له: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك" [4].
استعن بالله ... على مُهمات الأمور، على مُلمات الحياة ... استعن بالله عز وجل.. {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، فاستعن بربك على مُهمات أمورك، استعن بالله ولا تعجِز، لا تكن عاجزا، لا تعمل عمل العاجزين، ولا تقف موقف العاجزين، الذين يحيلون كل أمر على المقادير ... ربنا أراد كذا ... ربنا قدَّر كذا ... ولا يفعل ما في وُسعه، النبي صلى الله عليه وسلم، رأى رجلين يختصمان ويتصارعان، فغلب أحدهما الآخر، فقال المغلوب: حسبي الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، مُنكرا عليه: "إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكَيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل" [5]، لا تقل حسبي الله قولة العاجز، ولكن قُلها عندما تنفد أمامك الحِيل، وتُستنفذ كل الوسائل.
هكذا يجب أن يكون المسلم، ولهذا قال الأقدمون: من دلائل العجز كثرة الإحالة على المقادير. وقال الشاعر الفيلسوف المسلم الدكتور محمد إقبال:
(المؤمن الضعيف هو الذي يحتجُّ بقضاء الله وقدره، أما المؤمن القوي فهو يعتقد أن قضاء الله الذي لا يُرد، وقدره الذي لا يُدفع ... يعتقد أنه هو قدر الله) [6].
قال أحد قُوَّاد الفُرس لأحد المسلمين يوما: من أنتم؟ فقال له: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، فلو كنتم في سحابة لهبطتم إلينا أو لصعدنا إليكم. نحن قدر الله، هكذا يعتقد المؤمن ...